الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة
.مسألة ضربت يده بسيف فقطعت إحدى قصبتي يده: قال محمد بن رشد: هذا كما قال، وهو مما لا اختلاف فيه؛ لأن كل جرح لم يكن متلفا فيقاد منه إلا ألا يستطاع على القود منه. .مسألة الكبير تصاب سنه فيأخذ ديتها ثم تثبت: قال محمد بن رشد: اعتلاله في أنه لا يرد ما حكم له به من دية السن إذا ردها صاحبها فثبتت بقوله ولعلها تثبت ليس على حالها يدل على أن هذه المسألة بخلاف الذي يضرب فتبيض عينه أو ينزل الماء فيه فيأخذ الدية ثم يبرأ بعد ذلك أنه يرد الدية على ما قاله في المدونة؛ لأن بصره قد رجع إليه على ما كان والذي يدل على الفرق بين المسألتين أيضا أن الذي ضرب فابيضت عينه أو نزل الماء فيها لو رجع إليه بصره قبل أن يحكم له بالدية لم يكن له شيء باتفاق، لا من دية ولا من قصاص، والذي قلعت سنه إذا ردها فثبتت يقتص منه في العمد باتفاق، وتكون له الدية في الخطأ على اختلاف، وقد مضى تحصيل القول في هذه المسألة في سماع أصبغ من كتاب الديات وبالله التوفيق. .مسألة جرح موضحة فصارت منقلة: قال محمد بن رشد: أما الذي أصيب بمأمومة فذهب منها يده ورجله فلا اختلاف في أن يقضى له بدية ذلك كله وكذلك الذي أصيب بموضحة فذهبت منها عينه لا اختلاف أيضا في أنه يقاد له من الموضحة فإن برأت ولم تذهب من ذلك يمينه كان له عقل العين، وأما الذي أصيب بموضحة فصارت منقلة فقد مضت والقول عليها مستوفى في أول سماع ابن القاسم فلا معنى لإعادته. .مسألة أصاب يد رجل فقطع وهي سومة سليمة فأراد الاستقادة من يده: قال محمد بن رشد: أما إذا كانت جل منفعة عين الجاني أو يده باقية فلا اختلاف في أن المجروح بالخيار بين أن يستقيد منها بنقصانها وبين أن يأخذ عقل يده أو عينه. وأما إذا كانت منفعتها كلها قد ذهبت أو جلها فاختلف في ذلك على ثلاثة أقوال أحدها أن له أن يقتص إن شاء وإن كانت منفعتها كلها قد ذهبت، وهو قوله في رسم المكاتب من سماع يحيى أنه إن شاء اقتص وقطع الشلاء التي فيها حقه، وإن شاء تركها وأخذ العقل، والثاني قول أشهب في المجموعة وكتاب ابن المواز أنه ليس له أن يقتص منها وإن بقي فيها منفعة إذا كانت جل منفعتها قد ذهبت، والثالث قوله في هذه الرواية وهو مذهبه في المدونة أنه إن كانت قد ذهبت منفعتها كلها فليس له أن يقتص، وإن كان بقي فيها منفعة وإن قلت فهو بالخيار بين أن يأخذ العقل أو يقتص. .مسألة كل أمر لا يقدر على القود منه: قال محمد بن رشد: قوله إنه لا يقاد من اللسان إذ لا يستطاع على القصاص منه مخافة أن يزيد أو أن ينقص هو مثل ما تقدم من قوله قبل هذا، وقوله إنه يحلف على ما ذهب من كلامه بعد تجربة ذلك يبين ما تقدم أيضا، والتجربة في ذلك إنما معناه اختبار دعواه ليعلم صدقه فيه من كذبه، فإن لم يتبين كذبه فيما يدعي حلف مع ذلك لاحتمال أن يكون كذب فلم يتبين كذبه للمختبرين له، وسيأتي في سماع يحيى وجه تقدير ما نقص من كلامه كيف يكون وما يكون له إن شك الشهود في قدر ما نقص من كلامه إن كان الثلث أو الربع. .مسألة الصبي المدبر الذي لم يبلغ الخدمة يجرح إنسانا: قال محمد بن رشد: هذه مسألة بينة لا إشكال فيها ولا وجه للقول وبالله التوفيق. وسئل فقيل له جاءني صبي قد أثغرت أسنانه كلها إلا سنا واحدة فإنها تتحرك فقلت له أنزعها لك؟ فقال: نعم، فجعلت فيها خيطا ثم نزعتها فأقام ثلاثة أيام وقد كانت برجله قرحة؟ فقال له: أعتق رقبة فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين وما أدري أذلك عليك أم لا؟ إلا أنه إن كان أديته وإلا أجرت. قال محمد بن رشد: إن علم أنه مات من قلعه لضرسه فالكفارة عليه واجبة، وإن علم أنه لم يمت من ذلك، وأنه إنما مات من القرحة التي كانت برجله أو من شيء عرض له فلا شيء عليه، وإن خشي أن يكون مات من قلعه لضرسه فهو الذي قاله في الرواية من استحباب الكفارة له، فإن كانت عليه وإلا أجر فيها، وبالله التوفيق. .مسألة قاس أصبع المقطوعة أصبعه وأخذ قياس ما قطع منه: قال محمد بن رشد: هذا كما قال وهو مما لا اختلاف فيه لأنه كما قطع الأنملة بالأنملة كانت أطول منها أو أقصر فكذلك إذا قطع جزءا منها يقطع من أنملة القاطع مثل ذلك الجزء كان أطول أو أقصر وإنما اختلف في الجرح في الرأس وفي عضو من الأعضاء كالذراع أو العضد ونحوه هل ينظر إلى قدر ذلك الجرح من رأس المجروح وذراعه، فإن كان الثلث أو الربع شيء في رأس الجارح أو ذراعه ثلثه أو ربعه أو ينظر إلى قدر الجرح فيؤخذ في رأس الجارح أو ذراعه ذلك القدر وإن أتى ذلك على رأسه كله أو ذراعه فقال أشهب الحكم في ذلك كالحكم في الأنامل إنما ينظر إلى ما يقع الجرح من رأس المجروح فيؤخذ من رأس الجارح مثل ذلك الجزء، واختلف في ذلك قول ابن القاسم، قال ابن المواز والأمر عندنا كما قال أشهب وقول ابن القاسم قديما إنه يقاس الشق حتى يؤخذ في رأس الجارح بطول الشق وإن استوعب رأس المستقاد منه يريد ولم يف بالقياس، قال فليس عليه غير ذلك وكذلك الجبهة والذراع يريد بطول ذلك ما لم يضق عنه العضو فلا يزاد من غيره، والصحيح عندي قول ابن القاسم هذا لا قول أشهب الذي اختاره ابن المواز؛ لأن الله تعالى يقول: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] فوجب أن يقتص من الجارح بمثل الجرح الذي جرحه في طوله وقصره؛ لأن الألم في الجرح إنما هو بقدر عظمه وطوله وقصره لا بقدره من رأس المجروح؛ لأنه إذا شق من رأس الجارح بطول ما شقه من رأس المجروح فقد استويا في الألم وإن كان الجرح من رأس أحدهما ربعه ومن رأس الآخر نصفه، ألا ترى أن الكافر يعظم خلقه في النار ليتضاعف عليه العذاب وبالله التوفيق. .مسألة تضرب فتطرح جنينين لم يستهلا: قال محمد بن رشد: هذا كما قال وتستحق الغرتان في مال الضارب بشهادة شاهدين على الضرب أو بشهادة شاهد واحد مع يمين كل واحد من الورثة ويستوي فيه العمد والخطأ؛ لأنه أقل من الثلث فلا تحمله العاقلة، وأما الديتان إذا استهلا فتستحقا في الخطأ على العاقلة بالقسامة مع شاهدين على الضرب باتفاق أو مع شاهد واحد على اختلاف، ويجب في العمد القصاص مع القسامة إن كان الضرب في البطن باتفاق، وإن كان في غير البطن على اختلاف، وقد مضى الكلام على هذا كله مستوفى في رسم أول عبد ابتاعه من سماع يحيى من كتاب الديات وبالله التوفيق. .مسألة ضربوه وشهود ينظرون فتفرقوا وقد شجوه أربع مواضح: قال محمد بن رشد: قول مالك في هذه الرواية إن أحب أن يحلف على أيهم شاء أنه شجه تلك الشجاج ثم يقاد منه هو مثل قول ابن القاسم في سماع أصبغ بعد هذا في الفئتين يقران بأصل النايرة بينهما أو يقوم بذلك بينة ولا يشهد على جراحات بعضها بعضا أنه يحلف كل واحد منهما على صاحبه إذا عرف أنه به وأنه الذي جرحه ثم يستقيد منه، وهو الاستحسان على غير حقيقة القياس؛ لأنه مدع على الذي يدعي عليه منهم أنه جرحه، فالقياس ألا يكون له أن يحلف ويستقيد ممن يدعي عليه منهم أنه جرحه إلا بشاهد عدل على أنه هو الذي جرحه، فإن لم يكن عليه شاهد بجرحه إياه حلف المدعى عليه وبرئ ولم يكن على الأخر شيء لأنه لما ادعى على أحدهم أنه هو الذي جرحه فقد برأ الآخر، وكذلك إن نكل عن اليمين على قياس قوله إنه يحلف ويستقيد، يحلف المدعى عليه ويبرأ ولا يكون على الآخرين شيء إذ قد أبرأهما- بدعواه على الثالث وهو قول مالك في رواية ابن القاسم عنه، فإن لم يحلف ونكل كانت عقول تلك الشجاج عليهم كلهم، لا يصح إذا ادعى على واحد منهم أنه هو الذي جرحه، وإنما يصح ذلك إذا قال لا أحلف لأني لا أدري من جرحني منهم، ولا يكون عقل تلك الجراح عليهم إذا قال لا أدري من جرحني منهم إذا حلف كل واحد منهم أنه ما جرحه أو نكلوا كلهم عن اليمين، وأما إن حلف بعضهم ونكل بعضهم عن اليمين فيبرأ من حلف منهم، وتكون عقول تلك الشجاج على من نكل منهم عن اليمين، وقول ابن نافع في الملاطي التي لا عقل فيها في آخر المسألة وإن لم يثبت وأبى أن يحلف حلف الجارح وبرئ يبين ما قلناه من أنه إذا نكل عن اليمين في المواضح يحلف المدعى عليه ويبرأ ولا يكون على الآخر شيء، وبالله التوفيق. .مسألة العبد يكون بين الرجلين فيشج العبد أحدهما موضحة: قال محمد بن رشد: هذا بين كله على ما قاله، وذلك أنه إذا أوضح أحد سيديه بنصف موضحة هدرا لأنها جناية عبده عليه، فلا شيء له فيها، والنصف الآخر جنى عليه نصف شريكه، فوجب أن يكون شريكه مخيرا بين أن يسلم إلى شريكه المجني عليه النصف الذي له من العبد، وبين أن يفتكه بنصف أرش الموضحة كما قال، وأما إذا جنى على أحد سيديه وعلى أجنبي بموضحتين أو منقلتين أو مأمومتين فقوله إن العبد بينهما على أربعة أرباع للأجنبي ثلاثة أرباعه، وللسيد ربعه هو كما قال، وبيان ذلك أن الذي لم يجن عليه العبد من السيدين يخير في نصفه بين أن يسلمه إلى المجني عليهما شريكه والأجنبي فيكون بينهما بنصفين وبين أن يفتكه منهما بنصف جنايته عليهما، وذلك نصف موضحة نصف موضحة على كل واحد منهما إن كان جنى على كل واحد منهما موضحة موضحة ونصف منقلة نصف منقلة إن كان جنى على كل واحد منهما منقلة منقلة فإن أسلم نصفه إليهما ولم يفتكه كان بينهما نصفين لكل واحد منهما ربع العبد فيصير للمجني عليه من الشريكين ثلاثة أرباع الربع الذي صار إليه من شريكه والنصف الذي كان له، ثم يخير في النصف الذي كان له بين أن يدفعه إلى الأجنبي في نصف جنايته عليه موضحة كانت أو منقلة أو مأمومة، فإن دفعه إليه ولم يفتكه بقي في يديه ربع العبد وكان للأجنبي المجني عليه ثلاثة أرباعه كما قال، فهذا تفسير قوله. وأما إذا أوضح أحد سيديه بموضحة والآخر بمنقلة فقول عيسى إنه يقال للمجروح موضحة إن شئت فافتك نصفك بخمسين دينارا وإن شئت فأسلمه فهو صحيح، والتفسير الذي أراد بقوله ولذلك تفسير هو أن المجروح موضحة يقول للمجروح منقلة قد جرحني كما جرحك فلا مطالبة له قبلي إلا بما زاد جرحك على جرحي، إذ لو جرحك موضحة كما جرحني لم يكن لواحد منا على صاحبه شيء في حصته من العبد، لوجوب التقاصص في ذلك بيننا على ما قاله سحنون وأصبغ وغيرهما من أهل العلم، فوجب أن أقاصك من عقل المنقلة وهو خمسون ومائة بعقل الموضحة وهو خمسون، فتبقى الجناية عليك بمائة جناها عليك العبد الذي نصفه لي ونصفه لك، فلا يجب علي في نصفي إلا خمسون، فأنا مخير بين أن أسلم نصفي من العبد إليك بالخمسين، وبين أن أفتكه بها، وهذا بين والحمد لله. .مسألة يخدم الرجل عبدا له إلى أجل ثم يعدو عليه سيده الذي أخدمه فيقتله: قال محمد بن رشد: قد قيل إنه إن قتله السيد عمدا يأتي بعبد يخدم المخدم مكان العبد الذي قتل، فإذا انقضى أجل الخدمة رجع إليه عبده، وإن مات قبل الأجل لم يكن عليه في بقية الأجل شيء، والقولان في آخر كتاب الأمهات من المدونة، وقد قيل: إنه يشترى بالقيمة عبد يخدم المخدم مكانه، وهو قول المخزومي، وأما إذا قتله خطأ فلا شيء عليه كما قال لأنه أخطأ على نفسه، وأما إذا قتله غيره فسواء كان قتله إياه عمدا أو خطأ، وقد مضت هذه المسألة في رسم يشتري الدور من سماع يحيى من كتاب الخدمة. .مسألة يصيبه الرجل بموضحة أو منقلة فينزى فيها فيموت: وسألته عن الرجل يصيبه الرجل بموضحة أو منقلة فينزى فيها فيموت وقد شهد على الضربة شهيدان، قال: إن مات في فوره ذلك ولم يعش بعد الضرب كانت له قيمته بلا يمين، وإن عاش بعد الضرب ثم مات فإنه لا يستحق قيمته بشهادة الشاهدين دون يمين، ولكن يحلف يمينا واحدة لمات من ذلك الجرح ويستحق قيمته، فإن نكل عن اليمين لم يكن على الذي جنى عليه إلا قيمة الموضحة أو المنقلة إن كانت منقلة، وقد ذكر بعض الناس أنه يستحقه بغير يمين، ولست أرى ذلك، قال: وكذلك النصراني يصاب بجرح فيشهد شهيدان على الجرح ثم يعيش، بعد ذلك ينزى في جرحه ثم يموت أن ولاته يحلفون يمينا واحدة ويستحقون ديته، ولا يستحقونها أبدا دون يمين إذا عاش بعد الضرب، فإن نكل وليه عن اليمين لم يكن له إلا عقل الجرح إن كان مما فيه عقل، وهذا كله قول مالك، قلت وكذلك النصراني إذا قتل وليه فأتى بشاهد واحد إنما يحلف يمينا واحدة مع شاهده ويستحق ديته؟ فقال: نعم كذلك هو يحلف يمينا واحدة مع شاهده ويستحق ديته، قال: وكذلك للعبد أيضا إذا قتل فأتى بشاهد واحد أنه يحلف مع شاهده ويستحق قيمته، وكذلك قال لي مالك لأنهما إنما يستحقان مالا ولا يستحقان دما، قلت فإن كان أولياء النصراني غير واحد وسادة العبد واحدا فأتى بشاهد واحد أو شهد رجلان على جرحه ثم عاشا بعد ذلك ثم ماتا هل يجزي أن يحلف في كلا الوجهين رجل واحد من أولياء النصراني يمينا واحدة وواحد من أرباب العبد يمينا واحدة ولا يجزي يمين رجل واحد من النصراني حتى يحلف كل من يرث النصراني، يمينا يمينا وكل من له في العبد المقتول شقص يمينا يمينا مع شاهده الواحد أو مع شهادة الشاهدين إذا عاش بعد، قال: لا يجزي إلا أن يحلف جميع أولياء النصراني وجميع أرباب العبد، ومن حلف من أولياء النصراني وأرباب العبد أخذ حقه. قال محمد بن رشد: هذه مسألة صحيحة على أصله في المدونة ومذهبه فيها وما يأتي في الرسم الذي بعد هذا وما مضى في أول رسم من سماع أشهب من كتاب الديات وفي رسم المجالس من سماع أصبغ منه، وقد قيل إن دم النصراني لا يستحق بالشاهد مع اليمين، وهو قول أشهب وظاهر ما في رسم المكاتب من سماع يحيى من كتاب الديات، وفي المسألة قول ثالث وهو أن أولياء يحلفون مع شاهدهم خمسين يمينا ويستحقون ديته، وهو قول المغيرة، وقد مضى هذا كله مستوفى في رسم المكاتب من سماع يحيى من كتاب الديات، وقوله وقد ذكر بعض الناس أنه يستحقه بغير يمين هو قول مالك في المدنية من رواية محمد بن يحيى السبائي عنه، وقد ذكرنا ذلك أيضا في سماع أشهب من كتاب الديات. .مسألة العبد يقتل العبد ولم يشهد على قاتله إلا رجل واحد: قال عيسى قال ابن القاسم قال مالك في العبد يقتل العبد ولم يشهد على قاتله إلا رجل واحد، قال: يحلف رب العبد المقتول يمينا واحدة مع شاهده ويستحق بذلك العبد القاتل، كان قتله إياه عمدا أو خطأ ولا يقتل العبد القاتل بيمين سيد العبد، ولكن يستحقه بيمينه ويستحييه، وليس له أن يقتله، ولو شهد شاهد على أن عبدا ضرب عبد رجل فنزي في ضربة فمات، وشهد على ضربه رجل عدل ولم يشهد على قتله، قال: يحلف سيد العبد المقتول يمينا واحدة بالله الذي لا إله إلا هو لمات من ضربه ثم يستحق العبد بيمينه ولا يقتله ولكن يسترقه إن أحب. قال محمد بن رشد: قوله إنه يحلف يمينا واحدة لمات من ضربه معناه أنه يحلف لضربه ومات من ضربه، وإنما يحلف من ضربه لا أكثر إذا شهد بالضرب شاهدان على ما مضى في الرسم الذي قبل هذا، وقد مضى أيضا من معنى هذه المسألة زيادات في أول رسم من سماع أشهب من كتاب الديات وبالله التوفيق. .مسألة الجارية تقتل رجلا فيبيعها سيدها ويكتم ذلك منها: قال محمد بن رشد: الجارية الجانية هذه تباع فتفوت عند المبتاع بولادة قبل قيام المجني عليه بجناية أصلها في المدونة، وهي مسألة حسنة إلا أن وجوهها غير مستوعبة، وفي بعضها اعتراض واختلاف، منه ما هو منصوص عليه، ومنه ما يتخرج بالمعنى على الأصول، فأما إذا كانت الجناية عمدا فيها القصاص فاقتص أولياء المقتول منها فقتلها فاختلف بماذا يرجع المشتري على البائع؟ فقال في الرواية إنه إن كان في قيمة الولد وفاء بالثمن الذي دفع رجع إليه لم يرجع عليه بشيء، وإذا لم يكن فيها وفاء بالثمن الذي رجع عليه ببقية الثمن، ومعنى هذا عندي إذا كان المشتري قد علم بجنايتها، وأما إن لم يعلم بذلك ودلس له به البائع فينبغي أن يرجع على البائع بجميع الثمن ولا يحاسب فيه بشيء من قيمة الولد وفي محاسبته بقيمة الولد إذا علم بجنايتها نظر؛ لأنه إما أن يحكم للولد بحكم الغلة أو بحكم أمه، فإن حكم له بحكم الغلة وجب له الرجوع بجميع الثمن، وإن حكم له بحكم أمه وجب أن يفض الثمن على قيمة الأم وقيمة الولد يوم البيع، فيرجع على البائع بما ناب الأم من الثمن، وأما إذا لم يرد صاحب الجناية القصاص أو كان القتل خطأ فيحلف البائع ما علم بالجناية أو ما باعها وهو يريد حمل الجناية على ما قاله في المدونة، فإن حلف ورد الدية ثبت البيع وصح له الثمن، وإن أبى أن يؤدي الدية كان أولياء الجناية بالخيار بين أن يجيزوا البيع ويأخذوا الثمن من البائع ويمضي البيع للمشترى وبين أن يأخذوا القيمة من المشتري لفواتها عنده على ما قاله في الرواية، ولم يكن لهم عليه من قيمة الولد شيء لأن الأمة إذا جنت ثم ولدت بعد الجناية لم يدخل ولدها في الجناية، فإن أخذوا القيمة منه رجع بجميع الثمن على البائع ولم يحاسبه البائع في ذلك بقيمة الولد، بخلاف إذا اقتص منها، والفرق بين الموضعين أنها إذا قتلت قصاصا فكأنها باقية على ملك البائع إلى أن قتلت، فكانت له في الولد شبهة وجب أن يحاسب بقيمة الولد من أجلها وإذا لم تقتل وإنما أخذ أولياء الجناية منه قيمتها فالقيمة إنما يأخذونها منه يوم وطئها فحملت، وإذا أخذت القيمة منه يوم حملت وجب أن يرجع على البائع بجميع الثمن ولا يحاسب فيه بشيء من قيمة الولد لأنهم إنما حدثوا بعد موجب القيمة عليه فيها بحملها، وقد قال أصبغ في آخر المسألة: إن القيمة التي تؤخذ من المشتري ويؤخذ منه تمامها إنما هو قيمتها يوم قام المجني عليه ليس يوم جنت ولا يوم اشتراها المشتري ولا يوم أحبلها، فعلى قياس قوله: إذا رجع بالثمن يحاسب فيه بقيمة الولد كما إذا قتلت. فيتحصل في المسألة ثلاثة أقوال أحدها أنه يحاسب البائع بقيمة الولد قتلت أو أخذت منه القيمة، والثاني أنه لا يحاسب بقيمة الولد قتلت أو أخذت منه القيمة فيها، والثالث الفرق في ذلك بين أن تقتل أو يؤخذ منه قيمتها، وللمشتري إذا أراد أولياء الجناية أن يأخذوا القيمة منه أن يؤدي إليهم الدية ويرجع على البائع بالأقل من الثمن أو الدية على ما قاله في المدونة ورواية أصبغ عن ابن القاسم في أن لأولياء الجناية أن يأخذوا الثمن من البائع وبقية القيمة من المشتري وبقية الثمن من البائع إن كان الثمن أكثر من القيمة خلاف رواية عيسى عنه في أنهم إذا أخذوا الثمن من البائع لم يكن لهم على المشتري شيء، وإذا أخذوا القيمة من المشتري لم يكن لهم على البائع شيء ورجع المشتري عليه بجميع الثمن، وقول أصبغ: إنهم إن رجعوا على المشتري بما زادت القيمة على الثمن يرجع المشتري على البائع بقيمة العيب إلا أن يكون ذلك أكثر من الذي رجعوا به عليه صحيح على قياس روايته عنه. وأما قوله إنهم إن رجعوا على المبتاع بالقيمة وهي أكثر من الثمن رجع المبتاع على البائع بالثمن وبما بين القيمتين على التفسير الذي فسرت لك يريد بقوله على التفسير الذي فسرت لك أنه يرجع بالأقل من قيمة العيب وبما زادت القيمة على الثمن، فهو مفسر لروايته عن ابن القاسم ولرواية عيسى عنه، وقد قيل إنه خلاف لرواية عيسى عنه وأن الذي يأتي لروايته عنه إذا رجعوا على المبتاع بالقيمة وهي أكثر من الثمن أن يرجع المبتاع على البائع بما رجع به عليه إن كان دلس عليه بالجناية وإن كان لم يدلس عليه بها لم يكن له أن يرجع عليه إلا بالثمن وبالله التوفيق.
|